الواقع المعزز (بالإنجليزية: ِAugmented Reality) هو واحد من أهم التكنولوجيات التي سوف يكون لها مستقبل واعد ويمكن تعريفه بأنه التكنولوجيا القائمة على إسقاط الأجسام الإفتراضية والمعلومات في بيئة المستخدم الحقيقية لتوفر معلومات إضافية أو تكون بمثابة موجه له، على النقيض من الواقع الإفتراضي القائم على إسقاط الأجسام الحقيقية في بيئة افتراضية. يستطيع المستخدم التعامل مع المعلومات والأجسام الأفتراضية في الواقع المعزز من خلال عدة أجهزه سواء أكانت محمولة كالهاتف الذكي أو من خلال الأجهزة التي يتم ارتداؤها كالنظارات، والعدسات اللاصقة جميع هذه الأجهزة تستخدم نظام التتبع الذي يوفر دقة بالإسقاط، وعرض المعلومة في المكان المناسب كنظام تحديد المواقع العالمي (نظام التموضع العالمي)، والكاميرا، والبوصلة كمدخلات يتم التفاعل معها من خلال التطبيقات.
المقدمة
يسعى الباحثون في الواقع المعزز على عرض الأجسام الأفتراضية، و المعلومات بصورة متكاملة مع البيئة الحقيقية للمستخدم[1]. كذلك لتحسين رؤية المستخدم يتم اسقاط الأجسام سواء أكانت ثلاثية الأبعاد (3D) أو ثنائية الأبعاد (2D) بدقة عالية عن طريق حساب مواقعها قبل الأسقاط في بيئة المستخدم بما يتم تعريفه بمعايرة الكاميرا (Camera Calibration)[2]. في هذه المقالة سنستعرض في القسم الأول تاريخ الواقع المعزز و أهم المحطات التي مر بها . القسم الثاني سيتناول مستقبل الأجهزة التي يتم ارتداؤها والمحمولة و دورها في الواقع المعزز. القسم الثالث دور ردود الأفعال الحسية في مستقبل الواقع المعزز, كما سنعرض في القسم الرابع استثمارات الشركات الكبرى في هذا المجال، و دورها في فتح سوق التنافس, في القسم الخامس سيتحدث عن مستقبل الواقع المعزز في مجالات الحياة المختلفة مدعوماٌ ببعض التطبيقات العملية. القسم السادس سيستعرض أهم التحديات التي تواجه الواقع المعزز وأهم الحلول المقترحة لها. القسم السابع ملخص لأهم ما جاء في هذه المقالة.
تاريخ الواقع المعزز
بدايات الواقع المعزز تعود إلى عام 1966 حيث قام البرفسيور إيفان سذرلاند بإختراع نظارات تسقط الأشكال ثلاثية الأبعاد ذات إظهار سلكي (wireframe model)[3] في البيئة الحقيقية للمستخدم. كانت بدايات ظهور الأجهزة المحمولة والهواتف في الفترة مابين عام 1970-1980 مما شكل نهضة في الحوسبة القابلة للارتداء “حاسب ملبوس”. قام كل من كوديل و مزيل [3].في عام 1990 بتطوير تكنولوجيا تتيح إسقاط مواقع الوصلات الكهربائية في داخل المباني[4]. قامت مجموعة من الباحثون بعمل نظام في عام 1992 لتوجيه القوات الجوية الأمريكية عرف باسم ”VIRTUAL FIXTURES” يقوم بإسقاط حروف كبيرة على الأسطح للاستدلال على مواقع هبوط الطائرات [3][4].
مستقبل الأجهزة في الواقع المعزز
التطور في الأجهزة سواء أكانت محمولة أو قابلة للإرتداء له دور كبير في رسم مستقبل الواقع المعزز وتحسين تفاعل المستخدم مع تطبيقاته.
الهواتف الذكية
الهواتف الذكية تحتوى البنية التحتية التي تحتاجها تطبيقات الواقع المعزز من مجسات وأيضاً تكنولوجيات كمحدد المواقع العالمي (GPS) والبوصلة، والهزاز (vibrating motor)، و المسارع (مقياس تسارع)، والكاميرا. للهواتف الذكية دور بارز في مستقبل الواقع المعزز حيث وجد أن معظم الأشخاص يقومون بتحميل التطبيقات على هواتفهم الذكية سواء أكانو خبراء في هذا المجال أو لا حيث قدر الباحثون عدد التطبيقات التي سوف يتم تنزيلها بحلول 2017 إلى 268,69 بليون تطبيق مقارنة مع عام 2014 حيث بلغ حجم التنزيل حوالي 138,89 بليون تطبيق[5] ليكون ذلك دليل على أن مستقبل الواقع المعزز سيكون من خلال تطبيقات الهواتف الذكية.
العرض الإفتراضي الشبكي
هي ألية تقوم على استخدام الرسوميات نقطية كما في التلفاز مباشرة على شبكية عين المستخدم. مراحل هذه الألية تبدأ بتوليد إشعاع ضوئي لتضمينه بناء على كثافة الصورة ليتم المسح و تغيير المواقع لتطابق مواقعيها على الشبكية ليتم إسقاط الطيف البصري الناتج على شبكية عين المستخدم نتيجة هذه العملية تباين، ودقة عالية للصور (دقة شاشة) التي سيتم إسقاطها، الذي من شأنه تقليل الوقت اللازم لقراءة النصوص وخاصة في التطبيقات التي تحتاج إلى وضوح عال كالملاحة الفضائية، و الجراحة الطبية[6].
العدسات اللاصقة
العدسات اللاصقة تستخدم مبدأ الاسقاط من خلال استخدام المرايا العاكسة كشاشات الكريستال السائلة (شاشة العرض البلوري السائل) و رقائق السليكون المؤكسدة و صمام ثنائي باعث للضوء (LED) وأنبوب أشعة الكاثود. ولعل أهم تجربة في هذا المجال عندما قامت مجموعة من الباحثين من جامعة واشنطن[7]. ببناء عدسات لاصقة صمام ثنائي باعث للضوء واحد واستخدموا لواقط للأشعة الحمراء كمصدر طاقة. إن استخدام العدسات اللاصقة في بناء الواقع المعزز يتطلب استخدام مبدأ الكتروضوئي في بتاء الدارات المكونة لهذه العدسات كدوائر التحكم والاتصال واللواقط بالاضافة إلى ضرورة وجود عدد كبير من صمامات ثنائية باعثة للضوء لتكوين الصورة أمام عين المستخدم.
هذه العدسات سوف تستخدم بعدة طرق كمترجم، و فحص حالة المستخدم الصحية من خلال مراقبة مستوى السكر بالدم، و أيضا في نظام الملاحة.
الواقع المعزز وردود الفعل الحسية
إضافة ردود الأفعال الحسية للواقع المعزز، وعدم الاكتفاء بإسقاط الأجسام الأفتراضية وحسب له أهمية كبيرة في زيادة تفاعل المستخدم مع التطبيقات المختلفة. إن دمج ردود الفعل الحسية مع الواقع المعزز يعتبر من أهم التحديات حيث أن العمل على هذا الأمر مازال بالطور التمهيدي، وفي المستقبل سوف يطرح عدد من التحديات.
ردورد الفعل اللمسية (Haptic)
ردود الفعل اللمسية قائمة على توفير اتصال فيزيائي مع الأجسام الأفتراضية التي يتم اسقاطها في البيئة الحقيقية لذلك فإن هذا الدمج يلزمه معايرة و دقة عالية لزيادة تفاعل المستخدم معها. يعتبر جهاز الاهتزاز من أهم الأجهزة المستخدمة لتحسين و إضافة الإدراك اللمسي. إن ردود الفعل اللمسية مع الواقع المعزز يمكن تطبيقها في عدة نواحي للتعرف على ماهية المواد أو لإجبار المستخدم على أتباع أوامر معينة .سابقاً تم استخدام تكنولوجيا الاهتزازات لزيادة و تقليل خشونة المواد[8], وبالتالي فإن هذا ممكن أن يطبق للتعرف على خصائص الأجسام الأفتراضية و هيئتها الخارجية و مكونتها على سبيل المثال واحدة من التطبيقات المستخدمة في مجال الواقع المعزز تركيب الملابس على جسم المستخدم دون الحاجة إلى ارتدائها كما في تطبيق “Virtual Dressing Room” ولكن من خلال ردورد الفعل الحسية يستطيع المستخدم التعرف على نوع القماش.
قام فريق من ديزني بإصدار “Reveal” و هو واحد من التكنولوجيات التي تقوم على دمج الواقع المعزز مع الردود الأفعال اللمسية من خلال مبدأ الاهتزازات الكهربائية العكسية والذي من شأنه أن يستخدم مستقبلاً في المكتبات من خلال تمرير اليد على غلاف الكتب للاستدلال على محتواها, كمثال أخر في ألة الصراف الألي للاستلال على كلمة السر في حال نسيان المستخدم بها, أيضاٌ تمكن المكفوفيين الاستدلال على الطريق من خلال ملامس الأسطح[9].
ردورد الفعل السمعية
للصوت أهمية كبيرة في الاتصال والتواصل والأدراك. يحاول الواقع المعزز دمج ردود الفعل السمعية من خلال تحريك الأجسام الأفتراضية لزيادة التفاعل, و كثير من تقنيات الصوت الحديثة كالصوت ثلاثي الأبعاد (3D sound) و الصوت المكاني (spatial sound) لزيادة الدقة في الاستدلال على مصدر الصوت وبالتالي زيادة التفاعل[10].
ردورد الفعل المتعلقة بحاسة الشم والتذوق
حاسة الشم يمكنها أن تلعب دور في الواقع المعزز عن طريق دمجها مع حاسة التذوق, و لعل أكثر تجربة مشهورة في هذا المجال “ِAugmented Reality Flavor”[11] ,حيث تم الاستعانة بمضخة باعثة للروائح و نظارات تعمل على تركيب صور لبسكويت بأطعمة مختلفة للتحكم بحاسة التذوق للمستخدم الذي من شأنه الاستفادة منه للتحسين حاسة التذوق لدى كبار السن.
الاستثمارات بالواقع المعزز
تكنولوجيا الواقع المعزز جذبت كبرى شركات تكنولوجيا المعلومات و التواصل الاجتماعي. جميع هذه الشركات تسعى بشكل حثيث إلى تزويد المستهلك بتكنولوجيا يكون لها دور أساسي في حياته وبالتالي بدأت كل من هذ الشركات بعمل بحوث حثيثة على هذه التكتولوجيا, و تخصيص مبالغ لدعم هذه البحوث مما فتح باب التنافس على مصرعيه حتى يكون لكل واحدة منهن دور ريادي و مميز في هذا المجال[12] ; نتيجة لذلك قامت معظم هذه الشركات بعرض فيديوهات توضح فيها المستقبل بوجود تكنولوجيا الواقع المعزز ومن هذه الشركات:
بالرغم من أن الواقع المعزز مازال غير بارز في الوقت الراهن الا أن التطور السريع و التقدم في مجال المكونات المادية كل ذلك من شأنه أن يشكل نهضة للواقع المعزز, و تقديم منتجات تكون يومية الاستخدام, و أن يفتح الباب على مصرعيه للمنافسة بين كبرى الشركات.
مستقبل الواقع المعزز
يسعى الباحثون في هذا المجال أن يكون مستقبل تطبيقات الواقع المعزز أكثر متانة, وأكثر جذبا لجمهور المستخدمين, و أن يشمل مناحي الحياة المختلفة.
مستقبل الواقع المعزز في التعليم
مما لاشك فيه أن التعلم من خلال الممارسة ذا فعالية أكثر من طرق التعليم المختلفة من قراءة وكتابة. و بذلك يمكن للواقع المعزز أن يشارك بشكل قوي في هذا المجال, و أن يدخل إلى الغرف الصفية الذي من شأنة أن يكون حافزاٌ للتعلم, و و زيادة التركيز. طبيعية الواقع المعزز من خلال عرض الأجسام الافتراضية في البيئة الحقيقية للطلاب من شأنه أن يؤتي أكله في تحسين أداء الطلاب وزيادة تفاعلهم. وعلاوة على ذلك توفر لهم الفرصة لرؤية الصور ثلاتية الأبعاد وتحريكها, و التفاعل معها من خلال كتب مصممة لذلك.
الواقع المعزز يساهم في العديد من الأبحاث العلمية, و خصوصا التي لا يمكن التعامل معها بطريقة تقليدية على سبيل المثال لعمل التفاعلات الكيميائية لمساق الكيمياء; الواقع المعزز وفر الامكانية لأستخدام مواد افتراضية وخلطها ورؤية النتائج في الغرفة الصفية دون الحاجة لوجود هذه المواد أو المختبرات. علم الفضاء واحد من أهم المجالات التي يمكن أن يطبق فيها الواقع المعزز لما يحتوية من غموض وعدم توفر البنية التحتية للرصد من مراصد فلكية و خصوصاٌ في العالم العربي, ليتم بذلك الاستعانة بتطبيقات الواقع المعزز لعرض الكواكب والمجرات على الأجهزة المحمولة كالهواتف الذكية التي يتوافر فيها (GPS) لتحديد موقع المستخدم (خطوط الطول, و دوائرالعرض) والبوصلة ولتحديد اتجاه المستخدم والمسارع لتحديد الارتفاع , نظام العالمي لتحديد الوقت (توقيت عالمي) جميع هذه العناصر الاربعة تعمل فيما بينها عن طريق سلسلة من العمليات وحسابات لتحديد وجهة المستخدم ليتم بعد ذلك عرض المجرات, و الكواكب… الخ.[16]. و لعل أبرز تطبيق على هذا المجال هو مراقبة السماء “Gazing star”.
تطبيق الواقع المعزز في التعليم ما زال يواجه عدة تحديات ألا وعي عرض محتويات تعليمية يحتاج خبراء فنيين, و كما أن الاستثمار في هذا المجال مكلف و يحتاج الى أجهزه متطورة من كاميرات و جهاز عرض ويحتاج الى خبراء لاصلاح أية أعطال. أضافة إلى ذلك أن الواقع المعزز ما زال غير دقيق في عرض الأجسام في المكان والوقت المناسب.
مستقبل الواقع المعزز في العناية الصحية
في المجال الطبي دخل الواقع المعزز كأداة تدريبية وتصورية في العمليات الجراحية حيث يجمع المعلومات ثلاثية الأبعاد للمريض و بعرضها في البيئة الحقيقية من خلال عدة مجسات مثلا كمجسات تصوير الرنين المغناطيسي (تصوير بالرنين المغناطيسي) حيث تعطي أشعة أكس فوق المريض.
تكنولوجيا الواقع المعزز لها مستقبل واعد في الجراحة الطبية عن طريق استبدال الشقوق التي يتم عملها لاجراء العمليات الجراحية, و كذلك الاستغناء عن استخدام المناظير الطبية لرؤية ما بداخل المريض, من خلال عرض ما بداخل المريض. علاوة على ذلك يمكن للطبيب الولوج إلى معلومات المريض بشكل متزامن مع إجرائه العملية الجراحية, كما يمكن استخدامها لتحديد أماكن عمل الشقوق للبدء بالجراحة[3].
الواقع المعزز في مجال الالعاب
الواقع المعزز في مجال التجارة الالكترونية
سيحدث الواقع المعزز نقلة نوعية في هذا المجال من خلال السماح للمستهلك بتجربة المنتج قبل شرائه. على سبيل المثال في تطبيق ”TryLive” أصبح من الممكن للمستهلك أن يفحص مظهر النظارات وحجمها عليه قبل أن يقبل على شرائها ألكترونياٌ[17].
المحددات و المعوقات أمام أستخدام الواقع المعزز
هنالك بعض المحددات أمام بروز تكنولوجيا الواقع المعزز و من هذه التحديات وبعض الحلول المقترحة لها :-
نظام التتبع والاتصالات الضوئية المرئية\
الهواتف الذكية و الأجهزة القابلة للارتداء
الخصوصية و الواقع المعزز
الخلاصة
Leave A Comment